الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي
.كِتَابُ الْقَضَاءِ: (سُئِلَ) رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ قَاضٍ اسْتَنَابَ رَجُلًا فِي شُغْلٍ مُعَيَّنٍ كَتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا وَلِيَّ لَهَا إلَّا الْحَاكِمُ وَتَحْلِيفٍ وَسَمَاعِ شَهَادَةٍ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَهَلْ تَجُورُ الِاسْتِنَابَةُ الْمَذْكُورَةُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أُذِنَ لِلْقَاضِي فِيهَا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ قَدَرَ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ الشُّغْلِ بِنَفْسِهِ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا كَمَا قَطَعَ بِهِ الْقَفَّالُ فَاسْتَنَابَ رَجُلًا فِي تَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ أَذِنَتْ لِلْقَاضِي أَوْ لِلرَّجُلِ فَزَوَّجَهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ فَهَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ الْمَذْكُورُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْحِجَازِيِّ إجْرَاءً لِلِاسْتِنَابَةِ الْمَذْكُورَةِ مَجْرَى الِاسْتِخْلَافِ الْعَامِّ أَمْ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَنْوَارِ كَمَا لَوْ وُكِّلَ الْوَلِيُّ الْخَاصُّ فِي تَزْوِيجِهَا قَبْلَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَجُورُ الِاسْتِنَابَةُ الْمَذْكُورَةُ إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِيهَا أَوْ اسْتَنَابَ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ، وَإِذَا اسْتَنَابَ رَجُلًا فِي تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ بِشَرْطِهِ ثُمَّ أَذِنَتْ لِلْقَاضِي أَوْ لِلْوَلِيِّ فَزَوَّجَهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ صَحَّ النِّكَاحُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِنَابَةَ الْمَذْكُورَةَ تَجْرِي مَجْرَى الِاسْتِخْلَافِ.(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ طَعَنَ شَخْصٌ فِي الْقَاضِي وَقَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِقَاضٍ لِفِسْقِهِ هَلْ يَصِحُّ حُكْمُ هَذَا الْقَاضِي لَهُ وَعَلَيْهِ أَمْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْفُذُ حُكْمُ الْقَاضِي عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ فَاسِقٌ، وَكَذَا لَهُ إنْ وَلَّاهُ سُلْطَانٌ لَهُ شَوْكَةٌ أَوْ مَضَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ ثُمَّ وُلِّيَ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا.(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْقَاضِي أَشَهِدْت عَلَيْهِ هَلْ هُوَ بِمُجَرَّدِهِ حُكْمٌ أَمْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ بِحُكْمٍ.(سُئِلَ) مَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْمُخَالِفِ فِي الْفُرُوعِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا وَقِيلَ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ يُفَصِّلُ وَقَدْ رَجَّحَ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ خِلَافَ الْأَوَّلِ فَمَا الْمُعْتَمَدُ؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَعْنَى نُفُوذِ الْحُكْمِ عَلَى مَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ نَقْضِهِ، وَيَحِلُّ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَلَوْ لِغَيْرِ مُعْتَقِدِهِ كَحِلِّ أَخْذِ الشُّفْعَةِ بِالْجِوَارِ لِشَافِعِيٍّ حَكَمَ لَهُ حَنَفِيٌّ بِهَا، وَالْمُعْتَمَدُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ.(سُئِلَ) هَلْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى قَاضٍ مَعْزُولٍ أَنَّهُ حَكَمَ بِعَبْدَيْنِ مَثَلًا تَحْلِيفُهُ أَوْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ تَحْلِيفُهُ.(سُئِلَ) عَمَّا إذَا أَذِنَ الْإِمَامُ لِلْقَاضِي فِي الِاسْتِخْلَافِ، وَأَطْلَقَ هَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ؟(فَأَجَابَ) نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ.(سُئِلَ) عَنْ قَاضٍ أَتَى إلَيْهِ شَخْصٌ بِمُسْتَنَدِ إقْرَارٍ بِدَيْنٍ وَقَالَ لَهُ: إنَّهُ بِشَهَادَتِك وَشَهَادَةِ وَلَدِك وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى الْمُقِرِّ فِيهِ وَهُوَ غَائِبٌ بِعِلْمِهِ فَأَنْكَرَ كَوْنَهُ خَطَّهُ أَوْ خَطَّ وَلَدِهِ ثُمَّ كَرَّرَ عَلَيْهِ السُّؤَالَ فِي ذَلِكَ فَحَكَمَ بِهِ غَيْرَ مُتَذَكِّرٍ لِلْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ بَعْدَ الْحُكْمِ تَأَمَّلَ الْمُسْتَنَدَ هُوَ وَوَلَدُهُ فَعَلِمَا أَنَّهُ مُزَوَّرٌ عَلَيْهِمَا فَهَلْ الْحُكْمُ صَحِيحٌ أَوْ لَا وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ أَوْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ بَاطِلٌ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ وَهُوَ التَّذَكُّرُ وَلِتَبَيُّنِ انْتِفَاءِ مُسْتَنَدِهِ كَمَا لَوْ حَكَمَ بِشَاهِدَيْنِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ عَدَمُ أَهْلِيَّتِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا لِلشَّهَادَةِ فَيُبَيِّنُ هُوَ وَغَيْرُهُ بُطْلَانَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نَقْضٍ.(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ آلَ النَّظَرُ إلَى قَاضٍ عَلَى عَقَارٍ مَثَلًا فَاسْتَأْجَرَهُ شَخْصٌ مِنْهُ أَوْ مِنْ مَأْذُونِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضًا لَهُ ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِصِحَّتِهِ أَوْ بِمُوجِبِهِ يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ حُكْمًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَعْضِهِ كَمَا اسْتَثْنَاهُ الْبُلْقِينِيُّ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ صَارَ الْوَصِيُّ قَاضِيًا فَحَكَمَ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ هُوَ وَصِيٌّ فِيهِ فَإِنَّ الْجَلَالَ الْبَكْرِيَّ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي نُكَتِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ مَعَ مَسَائِلَ أُخَرَ تُضَارِعُهَا أَمْ لَا يَصِحُّ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ عُلَمَاءِ ثَغْرِ دِمْيَاطَ نَاقِلًا لَهُ عَنْ فَتْوَى نَجْلِهِ عَلَمِ الدِّينِ صَالِحٍ؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّ حُكْمَهُ صَحِيحٌ لِلْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ إذْ لَا تُهْمَةَ بَلْ الصِّحَّةُ هُنَا أَوْلَى مِنْهَا فِي الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي عَلَى الْوَقْفِ بِجِهَةِ الْقَضَاءِ تَنْقَطِعُ عَنْهُ بِانْقِطَاعِ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيُّ إذَا تَوَلَّى الْقَضَاءَ فَإِنَّ مَا حَكَمَ فِيهِ لِلْيَتِيمِ الَّذِي هُوَ تَحْتَ وَصِيَّتِهِ تَبْقَى وِلَايَتُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَزْلِ فَقَوِيَتْ التُّهْمَةُ فِي حَقِّهِ وَضَعُفَتْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ شَهِدَ بِمَالٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ لَقَبِلْنَا شَهَادَتَهُ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ يَشْهَدُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ بِالْمَالِ لِمَنْ هُوَ مُوصًى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ مَا نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى عَلَمِ الدِّينِ صَالِحٍ، وَأَظُنُّ أَنَّهُ حَالَ إفْتَائِهِ لَمْ يَسْتَحْضِرْ مَا ذَكَرَهُ وَالِدُهُ.(سُئِلَ) عَمَّا إذَا قَالَ الْقَاضِي حَكَمْت بِطَلَاقِ فُلَانَةَ مِنْ زَوْجِهَا بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ فِي الْخُبْزِ عِنْدَ فُلَانٍ وَخَالَفَاهُ فَقَالَا إنَّمَا شَهِدْنَا عِنْدَك أَنَّهُ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ عِنْدَهُ إلَّا شَرِيكًا، وَأَنَّهُ عَمِلَ عِنْدَهُ شَرِيكًا ثُمَّ غَيْرَ شَرِيكٍ، وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ أَفْتَوْهُ بِانْحِلَالِ يَمِينِهِ بِذَلِكَ أَوَّلًا، وَادَّعَى الْحَالِفُ ذَلِكَ وَاسْتَمَرَّ الْقَاضِي عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَشْهَدَا عِنْدِي بِالْمُسْتَثْنَى بَلْ بِالطَّلَاقِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَاضِي، وَلَوْ بَعْدَ عَزْلِهِ أَمْ لَا يُقْبَلُ إلَّا إنْ كَانَ مَوْثُوقًا بِعِلْمِهِ وَدِينِهِ وَعِفَّتِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ جَمْعٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ أَمْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ وَكَذَا قَبْلَهُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا فِيهِ.وَالْعِبْرَةُ فِيهِمَا بِقَوْلِ الشَّاهِدَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهِ لِدِيَانَتِهِ فَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِ.(سُئِلَ) عَمَّنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ إقْلِيمًا فَوَلَّى نَائِبًا عَنْهُ فِيهِ وَهُوَ فِي غَيْرِهِ فَهَلْ تَصِحُّ تِلْكَ التَّوْلِيَةُ أَمْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَصِحُّ وِلَايَتُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِحُكْمٍ وَكَوْنُهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إنَّمَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ دُونَ الْإِذْنِ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَكَّلَ الْمَحْرَمُ مَنْ يُزَوِّجُهُ أَوْ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَوْ أَطْلَقَ وَكَالتَّوْكِيلِ فِي شِرَاءِ الْخَمْرِ بَعْدَ تَخَلُّلِهَا وَنَظَائِرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَثِيرَةٌ فِي كَلَامِهِمْ وَقَدْ سَبَقَ لِي جَوَابٌ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا، وَصُورَتُهَا إذَا وَلَّاهُ لِيَحْكُمَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ.(سُئِلَ) هَلْ تَثْبُتُ الْهَدِيَّةُ لِلْقَاضِي قَبْلَ الْقَضَاءِ بِمُدَّةٍ؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَثْبُتُ بِمُدَّةٍ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ.(سُئِلَ) هَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ الْقَبُولُ لَفْظًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَلِّي إمَامًا أَمْ قَاضِيًا، وَهَلْ يَأْتِي ذَلِكَ فِي قَيِّمِ الْأَيْتَامِ وَفِيمَنْ اسْتَنَابَهُ الْقَاضِي فِي نَظَرِ وَقْفٍ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا قَبُولُهُ لَفْظًا فَقَدْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا وَقَالَ الرَّافِعِيُّ كَالْوَكَالَةِ. اهـ.وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْقَيِّمِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ.(سُئِلَ) هَلْ يَنْعَزِلُ الْفَاسِقُ الَّذِي وَلَّاهُ الْحُكْمَ ذُو الشَّوْكَةِ بِزِيَادَةِ فِسْقِهِ؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ، وَإِنْ جَهِلَ فِسْقَهُ مَنْ وَلَّاهُ لِلضَّرُورَةِ.(سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ فِي هَذَا الزَّمَانِ تَحْكِيمُ عَدْلٍ غَيْرِ مُجْتَهِدٍ فِي مَكَان لَا حَاكِمَ فِيهِ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَمَا فِي تَحْكِيمِ الْمَرْأَةِ إيَّاهَا فِي تَزْوِيجِهَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ فِيهَا، وَإِنْ جَازَ تَحْكِيمُهُ فِي التَّزْوِيجِ.(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَذِنَ شَافِعِيٌّ لِذِمِّيٍّ فِي دُخُولِ مَسْجِدٍ فَدَخَلَهُ فَهَلْ لِلْمَالِكِيِّ مَنْعُهُ أَمْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِمَّا أَذِنَ فِيهِ الشَّافِعِيُّ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ بِإِذْنِهِ.(سُئِلَ) إذَا طُلِبَ مِنْ الْقَاضِي فِي زَمَانِنَا بَيَانُ مُسْتَنَدِ حُكْمِهِ هَلْ يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ أَمْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ؛ لِأَنَّ قَضَاءَهُ إنَّمَا نَفَذَ لِلضَّرُورَةِ فَيُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَمَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ فَمَحَلُّهُ فِيمَنْ اتَّصَفَ بِصِفَاتِ الْقَضَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرُ التَّقْوَى وَالْوَرَعِ.(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ كَانَ فِي الطَّلَبَةِ أَوْ الْمُسْتَفْتِينَ مَنْ قَصْدُهُ يَتَعَلَّمُ مَا تَعَلُّمُهُ فَرْضُ عَيْنٍ وَمَنْ قَصْدُهُ تَعَلُّمُ مَا تَعَلُّمُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ أَوْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِلَا تَرَدُّدٍ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الثَّانِي تَعَلُّمَهُ لَا يَأْثَمُ بِهِ بَلْ وَلَا بِتَرْكِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.(سُئِلَ) عَمَّا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْحُكْمِ أَهُوَ مُعْتَمَدٌ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ حَكَمَ بِعِلْمِهِ أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مُعْتَمَدٌ وَاضِحٌ إذْ كَيْفَ يَرْجِعُ عَنْ حُكْمٍ نَفَذَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا حَيْثُ كَانَ بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ كَظَاهِرِهِ أَوْ ظَاهِرًا فَقَطْ بِأَنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ خِلَافًا.(سُئِلَ) هَلْ يَنْفُذُ قَضَاءُ الْمَرْأَةِ وَالْكَافِرِ إذَا وَلِيَا بِالشَّوْكَةِ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: إنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَكَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْمَنْهَجِ فِي الْمَرْأَةِ وَصَرَّحَ بِهَا فِي شَرْحِهِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ لَا يَنْفُذُ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الظَّاهِرُ وَكَمَا قَيَّدَ فِي الْمَنْهَجِ بِالْإِسْلَامِ؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْفُذُ قَضَاءُ الْمَرْأَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ دُونَ الْكَافِرِ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَهُمَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} فَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ اجْتِمَاعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ مُتَعَذِّرٌ فِي عَصْرِنَا لِخُلُوِّ الْعَصْرِ عَنْ الْمُجْتَهِدِ الْمُسْتَقِلِّ فَالْوَجْهُ تَنْفِيذُ قَضَاءِ كُلِّ مَنْ وَلَّاهُ سُلْطَانٌ ذُو شَوْكَةٍ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ فَاسِقًا كَيْ لَا تَتَعَطَّلَ مَصَالِحُ النَّاسِ، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مُشْكِلِ الْوَسِيطِ مَا ذَكَرَهُ يُوَجَّهُ بِهِ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى تَنْفِيذِ أَحْكَامِ الْخُلَفَاءِ الظَّلَمَةِ، وَأَحْكَامِ مَنْ وُلُّوا غَيْرَ أَنَّهُ يُورَدُ عَلَيْهِ مَا إذَا وَلَّى السُّلْطَانُ قَاضِيًا كَافِرًا فَإِنَّهُ لَا تَنْفُذُ أَحْكَامُهُ مَعَ وُجُودِ الضَّرُورَةِ. اهـ.عَلَى أَنَّ ابْنَ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ قَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ فِي ذِي الشَّوْكَةِ قَالَ وَقَدْ ظَهَرَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ الشَّوْكَةُ لِلْكُفَّارِ فَلَوْ قَلَّدَ الْكَافِرُ ذُو الشَّوْكَةِ مُسْلِمًا الْقَضَاءَ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ. اهـ.وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الظَّاهِرُ نُفُوذُهُ.(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ قَضَى لِمَنْ لَا يَنْفُذُ لَهُ قَضَاؤُهُ لَهُ وَلِأَجْنَبِيٍّ هَلْ يَصِحُّ لِلْأَجْنَبِيِّ سَوَاءٌ أَكَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ أَمْ جَاهِلًا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ سَوَاءٌ أَعَلِمَ أَمْ جَهِلَ.(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِتَقْرِيرِ الْكَسَاوِي أَوْ شُفْعَةِ الْجِوَارِ مَثَلًا مِمَّا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ أَوْ حَكَمَ الْحَنْبَلِيُّ بِأَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ هَلْ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يُنْفِذَهُ وَيَحْكُمَ بِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ أَمْ لَا كَمَا حَرَّرَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَمَا الْجَوَابُ عَنْ كَلَامِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يُنْفِذَهُ وَيَحْكُمَ بِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْقَضَاءَ فِي مَحَلِّ اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ يَنْفُذُ بَاطِنًا أَيْضًا، وَمَا فِي الرَّوْضِ حَكَاهُ أَصْلُهُ عَنْ ابْنِ كَجٍّ عَنْ النَّصِّ ثُمَّ حَكَى عَنْ السَّرَخْسِيِّ تَصْحِيحَ عَكْسِهِ قَالَ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ كَمَا لَوْ حَكَمَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ تَغَيُّرًا لَا يَقْتَضِي النَّقْضَ وَتَرَافَعَ خُصَمَاءُ لِحَادِثَةٍ إلَيْهِ فِيهَا فَإِنَّهُ يُمْضِي حُكْمَهُ الْأَوَّلَ، وَإِنْ أَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّ غَيْرَهُ أَصْوَبُ مِنْهُ. اهـ.وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَصْفُونِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِهَا وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ وَلَعَلَّ مَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا.(سُئِلَ) عَنْ الْقَاضِي إذَا جَازَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ فَاسْتَخْلَفَ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ هَلْ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ كَمَنْ وَلَّاهُ ذُو الشَّوْكَةِ أَوْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَيُفَارِقُ مَنْ وَلَّاهُ ذُو الشَّوْكَةِ بِخَوْفِ سَطْوَتِهِ وَبَأْسِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي غَالِبًا وَقَدْ أَطْلَقَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ إذَا اسْتَخْلَفَ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ فَأَحْكَامُهُ بَاطِلَةٌ وَلَا يَجُوزُ إنْفَاذُهَا.(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الدَّمِيرِيِّ وَيُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْهَا أَيْ الْمَحْبُوسَةِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْنَعَ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْعِ الْحَاكِمِ لَهُ مِنْهُ إذَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ لَا عَلَى مَنْعِهَا إيَّاهُ فَانْدَفَعَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا تُمْنَعُ الزَّوْجَةُ مِنْهُ إذَا حُبِسَتْ عَلَى الْأَصَحِّ.(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ مَثَلًا بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ كَشُفْعَةِ الْجِوَارِ وَسُقُوطِ الْمُتْعَةِ وَكَوْنِ الْخُلْعِ فَسْخًا وَثُبُوتِ الْحَقِّ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْحَقِّ، وَإِيجَارِ الْعَيْنِ لِغَيْرِ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ حُكْمِهِ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ فَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْغَزِّيِّ كَغَيْرِهِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ لَا لِلصِّحَّةِ وَلَا لِلْجَوَازِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْغَزِّيِّ كَغَيْرِهِ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ، وَإِذَا اسْتَقْضَى مُقَلِّدٌ لِلضَّرُورَةِ فَحَكَمَ بِمَذْهَبِ غَيْرِ مُقَلَّدِهِ يُنْقَضُ شَافِعِيًّا كَانَ أَوْ حَنَفِيًّا. اهـ.وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُقَلِّدَ يَشْمَلُ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ وَلَا يَخْفَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ لِقُضَاةِ الضَّرُورَةِ مِنْ الْمَفَاسِدِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ سَدُّ هَذَا الْبَابِ فِي هَذَا الزَّمَانِ إذَا لَوْ فُتِحَ لَأَدَّى إلَى مَفَاسِدَ لَا تُحْصَى فَالصَّوَابُ سَدُّ الْبَابِ، وَإِسْدَالُ الْحِجَابِ وَفَطْمُ الْجُهَّالِ عَنْ هَذَا الْمُحَالِ. اهـ. وَعِبَارَةُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَحُكْمُ اجْتِهَادِهِ أَوْ إمَامِهِ الَّذِي هُوَ فِي حَقِّهِ لِالْتِزَامِهِ تَقْلِيدِهِ كَالدَّلِيلِ فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ أَمَّا إذَا قَلَّدَ فِي حُكْمِهِ غَيْرَ إمَامِهِ حَيْثُ يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ فَلَا يَنْقُضُ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهُ لِعَدَالَتِهِ إنَّمَا حَكَمَ بِهِ لِرُجْحَانِهِ عِنْدَهُ قَالَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِهِ فَعُلِمَ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّرْجِيحِ.(سُئِلَ) عَنْ الْمُحَكَّمِ هَلْ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بِعِلْمِهِ كَالْقَاضِي أَوْ لَا فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ كَالْحَاكِمِ عَلَى الْمُرَجَّحِ أَمْ لَا لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَطَّرِدَ فِيهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ، وَأَوْلَى بِالْمَنْعِ. اهـ.وَقَالَ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ كَالْحَاكِمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُهُ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا أَيْ صَرِيحًا. اهـ.فَمَا الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ إذْ لَيْسَ لَهُ الْحَبْسُ وَلَا التَّرْسِيمُ وَلَا الْحُكْمُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعُقُوبَاتِ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ بِمَنْعِهِ مِنْ الْقَاضِي.(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي التَّحْكِيمِ وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ أَيْ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِ. اهـ.فَإِنَّ مَفْهُومَهُ جَوَازُ تَحْكِيمِ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلِاجْتِهَادِ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي فَهَلْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ أَوْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَحْكِيمُ الْمُقَلِّدِ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي فَقَدْ قَالُوا إنَّ مِنْ شُرُوطِ الْقَضَاءِ كَوْنَهُ مُجْتَهِدًا فَإِنْ تَعَذَّرَ فَوَلَّى سُلْطَانٌ لَهُ شَوْكَةٌ مُقَلِّدًا نَفَذَ قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ كَيْ لَا تَتَعَطَّلَ مَصَالِحُ النَّاسِ وَكَمَا يَنْفُذُ قَضَاءُ قَاضِي الْبُغَاةِ لِمِثْلِ هَذِهِ الضَّرُورَةِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّ الْأَصْحَابَ احْتَرَزُوا بِقَوْلِهِمْ فِي الْحُكْمِ بِشَرْطِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْقَضَاءِ عَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ أَهْلٍ لَهُ فَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ قَطْعًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا يَجِيءُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُوَلَّى مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ ذِي الشَّوْكَةِ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ فِيهِ. اهـ.وَرَوَى يُونُسُ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الرُّفْقَةِ امْرَأَةٌ لَا وَلِيَّ لَهَا فَوَلَّتْ أَمْرَهَا رَجُلًا حَتَّى زَوَّجَهَا جَازَ.قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ فِي جَوَازِهِ فِي النِّكَاحِ لَكِنَّ شَرْطَهُ أَهْلِيَّةُ الْقَضَاءِ وَهُوَ بِعُسْرٍ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ الصِّحَّةُ إذَا وَلَّتْ أَمْرَهَا عَدْلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ يُونُسُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَعُلِمَ أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَفَرًا وَحَضَرًا مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي وَدُونَهُ؛ لِأَنَّهُ الصَّحِيحُ فِي التَّحَكُّمِ سَوَاءٌ طَالَ السَّفَرُ أَمْ لَا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا فِي بَابِ الْقَضَاءِ فِيمَا لَوْ خَطَبَ امْرَأَةً وَحَكَّمَ رَجُلًا فِي التَّزْوِيجِ مَا حَاصِلُهُ الصَّحِيحُ الْجَوَازُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ خَاصٌّ مِنْ نَسَبٍ أَوْ مُعْتِقٌ وَقَالَ الْعِزُّ بْنُ الْعِرَاقِيِّ مُرَادُهُ مَا إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ فَأَمَّا هَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فَشَرْطُهُ السَّفَرُ وَفَقْدُ الْقَاضِي. اهـ.وَقَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِشَرْطِ تَأَهُّلِ الْمُحَكَّمِ لِلْقَضَاءِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي.(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ أُشِيعَ حَسَدٌ وَبُغْضٌ بَيْنَ قُضَاةِ إقْلِيمٍ هَلْ يَنْفُذُ لِأَحَدِهِمْ عَلَى الْآخَرِ حُكْمٌ أَوْ شَهَادَةٌ أَمْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الْإِشَاعَةُ مُوَافِقَةً لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُ أَحَدِهِمَا وَلَا شَهَادَتُهُ عَلَى الْآخَرِ.(سُئِلَ) عَمَّنْ يَدَّعِي أَنَّ شَيْخَهُ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِفْتَاءِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ وَيُنْظَرُ فِيمَا يَكْتُبُهُ عَلَى السُّؤَالِ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ فِي فَتَاوَى شَيْخِهِ وَيَنْقُلَ مِنْهَا أَوْ غَيْرِ شَيْخِهِ وَيَنْسُبَهُ إلَى نَفْسِهِ أَمْ لَابُدَّ مِنْ ثُبُوتِ أَهْلِيَّتِهِ؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ عَلَى أَنَّ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْإِفْتَاءِ لَا يَتَوَقَّفُ إفْتَاؤُهُ عَلَى الْإِذْنِ لَهُ فِيهِ، وَلَهُ أَنْ يُفْتِيَ بِمَا يَعْتَمِدُهُ مِنْ فَتَاوَى شَيْخِهِ أَوْ غَيْرِهَا.(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ وَيُرْفَعُ مُسْلِمٌ عَلَى ذِمِّيٍّ هَلْ يُخَصُّ ذَلِكَ الرَّفْعُ بِالْمَجْلِسِ فَقَطْ وَيَقْطَعُ بِتَسَاوِيهِمَا فِيمَا عَدَاهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ مَنْ حَكَاهُ فِي الْمَجْلِسِ خَاصَّةً، وَهُوَ الْجُمْهُورُ أَمْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْفُورَانِيُّ وَهَلْ مِنْ الْإِكْرَامِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ جَالِسًا وَالذِّمِّيُّ وَاقِفًا وَهَلْ الْخِلَافُ مِنْ ذَلِكَ لِلْجَوَازِ كَمَا نُقِلَ عَنْ سُلَيْمٍ وَعِبَارَتُهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُرْفَعَ الْمُسْلِمُ أَمْ فِي الْوُجُوبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّمْيِيزِ؟(فَأَجَابَ) أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَرْفَعَ الْمُسْلِمَ عَلَى خَصْمِهِ الذِّمِّيِّ فِي الْمَجْلِسِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي بَاقِي وُجُوهِ الْإِكْرَامِ كَأَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ فِي حَالِ قِيَامِهِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ أَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْ الذِّمِّيِّ.(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ بَلَغَ الْمُسْتَنِيبَ خَبَرُ الْعَزْلِ وَلَمْ يَبْلُغْ نَائِبَهُ وَقُلْتُمْ بِعَزْلِ الْمُسْتَنِيبِ وَعَدَمِ عَزْلِ نَائِبِهِ حَتَّى يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ فَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ بِأَنْ بَلَغَ النَّائِبَ وَلَمْ يَبْلُغَ الْمُسْتَنِيبَ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أَمْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ مَنْ بَلَغَهُ خَبَرُ الْعَزْلِ دُونَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ.(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي وِلَايَةِ الْقَاضِي لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا فَهَلْ يَكْفِي الشُّرُوعُ بِالنَّظَرِ كَمَا جَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ وَجَعَلَهُ كَالنُّطْقِ أَمْ لَا يَكْفِي كَمَا أَبَاهُ آخَرُونَ؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي الشُّرُوعُ بِالنَّظَرِ.(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي شُرُوطِ الْقَاضِي يُشْتَرَطُ السَّمْعُ هَلْ الْمُرَادُ الصَّمَمُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ مَعَهُ السَّمْعُ أَمَّا صَمَمٌ يُمْكِنُ مَعَهُ السَّمْعُ وَلَوْ بِتَبْلِيغِ أَحَدٍ يَجُوزُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَوْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّمْعِ السَّمْعُ وَلَوْ بِتَبْلِيغِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْأَصَمِّ الَّذِي لَا يَسْمَعُ.(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ خَلَا بَلَدٌ عَنْ مُفْتٍ هَلْ تَحْرُمُ الْإِقَامَةُ فِيهِ أَمْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَحْرُمُ الْإِقَامَةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهَا.(سُئِلَ) عَنْ جَمَاعَةٍ فِي مَكَان كَزَاوِيَةٍ مَثَلًا وَمِنْهُمْ شَخْصٌ يُلْقِي بَيْنَهُمْ الْفِتَنَ هَلْ يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ أَنْ يُخْرِجَ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّ النَّاظِرَ لَا يُخْرِجُ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكِ لَهَا.(سُئِلَ) عَنْ مَسْأَلَةٍ ذَاتِ قَوْلَيْنِ أَوْ وَجْهَيْنِ أَوْ طَرِيقَيْنِ وَلَمْ يُصَحِّحْ شَيْئًا مِنْهُمَا أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ هَلْ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ الْعَمَلُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ أَوْ بِهِمَا جَمِيعِهَا إذْ لَمْ يَجِدْ لَائِقًا بِالتَّصْحِيحِ أَوْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَرْفَعُ أَمْرَهُ لِمَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّرْجِيحِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ عَمِلَ بِأَحَدِهِمَا لِلضَّرُورَةِ.(سُئِلَ) عَنْ مَسْأَلَةٍ لَمْ يَجِدْ فِيهَا نَقْلًا هَلْ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهَا عَمَلًا بِالْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ أَمْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا تَرَدَّدَ فِي حِلِّ شَيْءٍ وَتَحْرِيمِهِ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ أَحَدُهُمَا جَازَ لَهُ تَعَاطِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ.
|